يُصَنَّفُ هذا الكتاب في قائمة كتب الأدب السياسي أو "السياسة الشرعية"، ومؤلفه الوزير القاضي أبو سالم، كمال الدِّين مُحَمَّد بن طَلْحَة، النَّصِيبي الشافعي المتوفى سنة 652هـ، يعد من الصدور الأكابر، والرؤساء المعظمين، وكان ذا حشمة وجاه، وإمامًا في الفقه مفتيًا بارعًا، مقدمًا في القضاء والخطابة، متضلعًا في الأدب والكتابة. وقد خطَّ ابن طلحة أصل عبارات هذا الكتاب قبل ثمانمائة عام؛ أي في النصف الثاني من تاريخ الدولة الأيوبية قبيل أفول شمس الخلافة العباسية، وأسماه "نَفَائِس العَنَاصر لمجالسِ الْمَلكِ النَّاصر"، وقد ألَّفَهُ للسلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي الحفيد وقرن عنوانه باسمه. بنى المؤلف كتابه على أربع قواعدَ، وضع فيها أسس الدولة المثالية العادلة بهرمها الإداري، وضمنها كثيرًا من الأخبار السياسية وغيرها من العلوم القضائية والفقهية، وأضفى عليها طابعًا سلوكيًّا وأخلاقيًّا، وبَيَّنَ مَا أراده للمجتمعات الإنسانية بصفة عامة، والعربية والإسلامية بصفة خاصة، ووضع الشروط التي يجب أن يتحلى بها السلطان وأعيان الدولة والرعية، والتي تحافظ على مصالح الحاكم وحسن سير العلاقة بالرعية، ويرى المؤلف أن الحكم يدوم وتعيش الدولة إذا تحققت العدالة بين الحكام والمحكومين؛ لأن العدل به قوام العالم.